من هم البهائيون؟:
البهائيون هم أتباع الطائفة الدينية التي تتعتقد بالدين البهائي والذي يكتسب هذه التسمية من مؤسس الدين البهائي، حضرة بهاء الله، وقد ظهرت هذه الديانة في منتصف القرن التاسع عشر، ولكن أتباعها لم يعلنوا عن وجودهم فعليا بشكل واضح في اليمن إلا في وقت متأخر وتحديدا قبل أربع سنوات تقريبا.
نبذة تاريخية:
على الرغم من أن البهائية لم تعرف في اليمن بشكل علني إلا في السنوات الأخيرة، فإن هذه الديانة قد وصلت إلى هذا البلد في وقت مبكر من القرن التاسع عشر. وبحسب الموقع الرسمي للبهائية في اليمن، فقد عرفت اليمن البهائية مع قدوم شاب إيراني يدعى علي محمد الشيرازي ولقبه (الباب) مبشرا بهذا الدين الجديد في عام 1844م، الذي عبر مدينة المخا اليمنية الساحلية في رحلته التي أعلن فيها ظهور هذه الديانة. والحادثة التاريخية الأخرى التي تربط البهائيين تاريخيا باليمن بحسب الموقع أيضا هو عندما حكمت الإمبراطورية العثمانية بحبس “بهاء الله” في سجن عكا بفلسطين، وقد شهدت شواطئ وموانئ اليمن مرور أعداد متزايدة من المؤمنين الأوائل بالدين البهائي في طريقهم لزيارته.
وتذكر الوثائق البهائية أن البهائيين في اليمن توزعوا في عدد من المدن والقرى اليمنية كعدن والمكلا وصنعاء وتعز والحديدة وإب وسقطرى ولحج وغيرها، كما أسهموا في مهن صحية في عدد من المدن الرئيسية كصنعاء ولحج وسقطرى والحديدة، وتعز وإب وغيرها، وشاركوا في وضع اللبنات الأولى في عدد من المجالات التنموية المهمة، كالتعليم والصحة والعمران والتجارة، كما تبين تلك الكتابات أسماء عديدة في اليمن، منهم -على سبيل المثال- كمال بن حيدرة، الذي كرّمه سلطان المهرة عيسى بن علي بن عفرار في قشن وسقطرى ومنحه لقبه الخاص “الحيدرة” تقديرًا لحبه وتفانيه في خدمة وطنه ومواطنيه وتطوعه لتقديم الخدمات الطبية لأهالي واحدة من أبعد الجزر اليمنية منذ أكثر من 60 عاماً.
البهائية في اليمن اليوم:
في نوفمبر من العام 2015 أعلن البهائيون عن وجودهم باعتبارهم مكونا رسميا. لكن -مع ذلك وكما يبين موقع المبادرة اليمنية للدفاع عن حقوق البهائيين- فإن المصادر لا تتفق على عدد محدد للبهائيين اليوم في اليمن، إلا أن عددا من المراجع الحقوقية والإعلامية تحدثت عن الألف والألفين، وبعضها أشارت إلى عدة آلاف. والبهائيون خليط من أبناء القبائل اليمنية المعروفة ومن أبناء المدن، كما يوجد عدد قليل جدا من أصول غير يمنية ممن ولدوا وعاشوا عقودا طويلة في اليمن وأصبحوا جزءا من نسيجها الاجتماعي. ويعمل البهائيون عبر عدد من المؤسسات الخدمية والاجتماعية، لعل أهمها: مؤسسة “نداء للبناء والتعايش” التي بادرت بتنفيذ البرامج الخدمية، كما تعاونت مع العشرات من مؤسسات المجتمع المدني. لكن القوات الحوثية قامت بإغلاق هذه المؤسسة ومثيلاتها في سائر المدن خلال صيف 2016 بالتزامن مع موجة الاعتقالات التي طالت العشرات من البهائيين بمن فيهم النساء والأطفال.
ويمكن القول إن البهائيين اليوم أصبحوا متواجدين بشكل علني وظاهر في المدن الكبرى الرئيسية، لكنهم بشكل أوضح في العاصمة صنعاء، حيث تقام بعض الفعاليات الثقافية والفكرية والاجتماعية على الرغم من تضييق الخناق عليهم من قبل السلطات الحوثية الحاكمة.
الانتهاكات التي تعرض لها أبناء هذه الطائفة:
يعتبرها علماء الدين اليمنيون حركة كافرة وخبيثة هدفها تدمير الإسلام، باعتبار أن كتابها غير القرآن، وأن صلاتهم ونبيهم غير صلاة المسلمين ونبيهم، ويعتبرونهم مرتدين، وحكم الردة في الإسلام هو القتل.
وبحسب موقع المبادرة اليمنية للدفاع عن حقوق البهائيين فإن بدايات المضايقات للبهائيين تعود إلى 2008م، إلا أن الأحداث أثبتت بوضوح أن جماعة الحوثيين هي الجهة الرئيسية المسئولة عن الاضطهاد الحالي للبهائيين في اليمن. فلا يمكن المقارنة -بأي حال- بين ما كان يحدث قبل وصولهم إلى الحكم في صنعاء وبين ما يحدث للبهائيين الآن في مناطق سيطرتهم. فقد تفاقمت عمليات الانتهاك والاضطهاد من حالات فردية إلى عملية ممنهجة واضحة الملامح تستهدف كافة أبناء هذا المعتقد. وتتضمن عمليات الانتهاكات الاعتقالات ومصادرة الممتكات والمحاكمات غير الشرعية التي تصل إلى الحكم بالإعدام والتهديد بالنفي والإبعاد والاتهام بالخيانة والعمالة والتجسس.
ونتيجة لهذه الانتهاكات والعنف المتزايد ضد هذه الطائفة على أساس المعتقد فإن القضية أصبحت تأخذ أبعادا دولية؛ إذ دعا خبراء الأمم المتحدة إلى الإفراج الفوري عن المعتقلين البهائيين، ففي 15 سبتمبر 2018، بدأت إجراءات جنائية بحق 24 شخصا، من بينهم 22 على الأقل من البهائيين، ومنهم 8 نساء وقاصرين، في المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء. علماً بأنه لم يتم التحقيق معهم ولم يتلقوا إشعارًا قانونيًا من قبل النيابة بشأن التهم الموجهة بحقهم قبيل البدء بإجراءات المحاكمة.
ومن أشهر معتقلي البهائيين حامد بن حيدرة إلى جانب خمسة معتقلين آخرين في سجون الأمن القومي، فقد تم اختطاف حامد من قبل الحوثيين وبدون محاكمة، وفي عام 2015م بدأت محاكمته أمام المحكمة الجزائية في صنعاء بتهمة التخابر مع إسرائيل عبر بيت (العدل الأعظم)، وفي عام 2018م، حكمت عليه المحكمة بالإعدام ومصادرة جميع أمواله وإغلاق المؤسسات البهائية، وهناك 24 بهائياً آخر غير معتقلين ولكن تجري محاكمتهم بالتهم نفسها، التي عقوبتها الإعدام.