من هم يهود اليمن؟
لا توجد وثائق تاريخية دامغة تحدد طبيعة التواجد اليهودي في اليمن، لكن الثابت أن اليهود اليمنيون هم جزء أساسي من مكونات المجتمع اليمني، ويعتبرون من اليمنيين الأصليين، فقد كانت اليهودية ديانة يعتقد بها جزء واسع من المجتمع في اليمن القديم، حيث جاءت إلى المجتمع الذي كان يعتقد بديانات محلية مختلفة، على غرار ما كان سائداً في عهد الممالك السبئية والحميرية والقتبانية وغيرها من ممالك اليمن القديم، وقد استمرت هذه الديانة عند شريحة واسعة من الناس طوال القرون التي مضت إلى جانب المسلمين الذين شكلوا الأغلبية الساحقة من اليمنيين.
نبذة تاريخية:
أقدم نقش تاريخي يحمل سمات الديانة اليهودية هو نقش جريني “بيت الأشول (1)” الذي يعود إلى أواخر القرن الرابع الميلادي وأوائل القرن الخامس الميلادي، أي إلى عهد الملك الحميري (ذرأ أمر أيمن) أخي الملك الحميري الشهير أبكرب أسعد الكامل، وهو ما يدل على أن اليهودية كانت منتشرة آنذاك، لكن ليس بصورة واسعة. وتشير هذه النقوش إلى وجود مجتمعات يهودية تتمتع بمكانة اجتماعية واقتصادية مرموقة، لكن ليس هناك ما يشير إلى أن ملوك القرنين الرابع والخامس قد اعتنقوا اليهودية، ولم يحدث ذلك إلا في القرن السادس، مثل يوسف أسار ذو نواس، ومن الملاحظ، أيضا، أن هذه المجتمعات اليهودية هم من السكان المحليين الذين اعتنقوا اليهودية باعتبارها ديانة، ولم يكونوا أجناسا يهودية قادمة من أماكن أخرى، ما يعني أن اليهودية قدمت باعتبارها فكرة، لكن معتنقيها هم من السكان الأصليين.
أما ابن هشام في كتابه عن السيرة النبوية فيتكلم عن أصل اليهودية في اليمن، ويؤكد أنها جاءت عن طريق الملك الحميري أسعد الكامل، الذي قام بزيارة مكة ويثرب، ثم عاد من هناك إلى قومه ومعه حبران من أحبار اليهود، لكن قومه أنكروا عليه فعله، فاحتكموا إلى النار التي انحازت لصالح الأحبار، فآمنت حمير ودخلت اليهودية بعد ذلك وهي رواية غير مدعومة بأي وثائق تاريخية أو نقوش.
استمرت اليهودية ديانة سلطة في حقب مختلفة من الدولة الحميرية سواء أكان الملك يهوديا أم يشجع اليهودية بعد ذلك ظهر صراع مرير بين اليهودية والمسيحية، وبلغ ذروته في عهد يوسف ذو نواس (522- 530) مع غزو جيش أكسوم (القوة المسيحية التي كانت مهيمنة في إثيوبيا) لليمن، غزوا مثَّل رد فعل على الحملة العقابية التي قام بها يوسف أسار ذو نواس ضد المسيحيين المتمردين في نجران، وبذلك انتهى نظام السلطة اليهودية، وفقد اليهود سلطتهم القوية في البلاد، لكن اليهودية بقيت منتشرة بين عديد من القبائل اليمنية، إلا أن التحول الكبير لليهودية نحو الضعف في اليمن، جاء بعد دخول اليمن في حاضنة الإسلام، وتحول كثير من اليهود إلى الدين الجديد، ومن بقي منهم أصبح تحت نظام (الذمي) الذي يحق للمواطن اليهودي بموجبه البقاء في الدولة الإسلامية على أن يدفع الجزية.
وتجدر الإشارة هنا إلى أننا لا نعرف شيئًا، تقريبًا، عن اليهود في اليمن خلال الفترتين الأموية والعباسية الأولى حتى نهاية القرن التاسع، عندما تم إنشاء الإمامة الزيدية في شمال اليمن عام 897 على يد الإمام يحيى الهادي. حيث بدأت بعد ذلك سلسلة من الانتهاكات المنظمة وغير المنظمة ضد اليهود على مدى الألف السنة الماضية؛ لينتهي بهم الحال إلى عدد من الأشخاص المحرومين من أبسط مقومات المواطنة بعد أن كانوا جزءا كبيرا من المجتمع.
مناطق تواجد اليهود في اليمن:
كان اليهود يتواجدون في مناطق مختلفة من اليمن، لكنهم تركزوا في مدن رئيسية بسبب امتهانهم الأعمال الحرفية والتجارة سابقاً، أما الآن فهم يتواجدون فقط في (ريدة، ناعط في أرحب)، فضلا عن عدد منهم يتواجدون في (المدينة السياحية في العاصمة صنعاء) بعد تعرضهم لاعتداءات في مناطقهم الأصلية الواقعة في مناطق أخرى نائية من اليمن، وبحسب مقابلة مع رئيس الطائفة اليهودية حالياً في اليمن، فإن عددهم لا يتجاوز 43 فردا، ويتوزعون على الثلاث المناطق المذكورة على النحو الآتي: ريدة 9، وأرحب2، ومدينة صنعاء 32.
الشعائر الدينية / التعليم:
كان يمارس اليهود اليمنيون شعائرهم الدينية في المعابد قديماً، أما الآن فهم يمارسونها في المنازل بعد تدمير المعابد اليهودية بسبب المضايقات والانتهاكات التي تقوم بها الجماعات المتطرفة (القاعدة – الحوثيون). وعقائدياَ يعتبر اليهود اليمنيون الأكثر قرباً من يهود الأشكناز المتشددة دينياً التي تتمركز في ولاية نيويورك.
ومن الشعائر الدينية التي يمارسها اليهود في اليمن:
1- يوم السبت المقدس من كل أسبوع.
2- عيد الفصح.
3- عيد الغفران.
4- عيد رأس السنة.
5- عيد الأنوار.
يقوم اليهود بتعليم أبنائهم اللغة العبرية والتوراة من سن الثالثة عند الحاخام، وهو كبير القوم علما وليس سنا، وعندما يصل سن السادسة يرسلونه لاستكمال دراسته الدينية في أمريكا أو إسرائيل ثم العودة إلى اليمن، وتعتبر نسبة التعليم قليلة جدًا عند الذكور وتنعدم عند الإناث. ورغم كل العروض والمغريات التي تقدمها الجالية اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية للطائفة اليهودية التي تعيش في اليمن فإن بعض اليهود اليمنيين يرفضون مغادرة بلدهم، ويفضلون العودة للعيش في اليمن الموطن الأصلي لهم.
علاقتهم بالسلطة والمجتمع:
كانت السلطات في عهد الأئمة في شمال اليمن وخلال ألف سنة تقريباَ تعتبر اليهود أهل ذمة وعلى أصحاب هذه الطائفة أن يقوموا بدفع الجزية للإمام، وهي عبارة عن مبالغ مالية تدفع عن كل فرد، ويعاملون معاملة مختلفة أقل من بقية أفراد المجتمع. وفي التقاليد اليهودية اليمنية يميز الشخص اليهودي نفسه بوضع (زنار)، وهو عبارة عن إطالة جزء من شعر الرأس عند الأذنين وعملها كالظفيرة حتى يتم تمييزه عن المسلم، كما أنه يعد مظهرا دينيا يميزهم.
أما في جنوب اليمن آنذاك فعلاقة اليهود كانت جيده مع الدولة البريطانية، فيهود المناطق الجنوبية، وخاصة المحمية كعدن، كانوا يعيشون ويتعلمون مع المسلمين، وبقية الطوائف الدينية والعرقية الأخرى، مع وجود حصص لتدريس اللغة العبرية، ويتشابهون في العادات والتقاليد مع الآخرين ويختلفون فقط بالديانة، وقد كان لهم معابد خاصة بهم يمارسون شعائرهم فيها بحرية، لكن هذه العلاقة تغيرت في عدن بعد عام 1947م بعد إعلان قيام دولة إسرائيل واحتدام الصراع في المنطقة العربية معها، فتم إحراق منازل اليهود ومعابدهم وقتل بعضهم مما أضطرهم إلى مغادرة عدن إلى إسرائيل، وبعد استقلال جنوب اليمن في 1967 أصبح الجنوب شبه خالٍ تقريبا من أي تواجد يهودي.
يهود اليمن بين الحاضر والمستقبل:
على مدى الأنظمة السياسية المتعاقبة على اليمن، عانى اليهود من التهميش والإقصاء والتمييز، ولا يوجد لهذه الفئة أي نشاط سياسي، حيث بقي دورهم منحصراَ في المجال الحرفي والتجارة، ولم تسمح لهم تلك الأنظمة بأداء أي دور سياسي أو إداري، حتى في اليمن الحديث الذي وصف دستور دولة الوحدة دولته بدولة التعددية، فهي لم تسمح لأي مواطن يهودي بأن يكون عضواً في مجلس النواب، رغم أنهم قدموا مرشحاً في الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2003م، لكنه لم يستطع الفوز، لأن الأقلية التي يمثلها لاتملك الأصوات اللازمة ليصل بموجبها إلى البرلمان، كما أن الدستور اليمني الذي ينص على أن اليمن بلد تعددي يشترط أيضا أن يكون العضو ملتزما بفروضه الدينية، وهو ما فُسِّر بأن غير المسلم لا يحق له الترشح؛ لأنه غير مسلم في بلد ينص دستوره على أن دين الدولة هو الإسلام، فلا يوجد مقاعد خاصة بالأقليات في البرلمان على غرار ما هو موجود في كثير من دول العالم.
الأدب والثقافة اليهوديان في اليمن:
تعرض كثير من المخطوطات اليهودية في اليمن لعمليات النهب والتهريب، آخرها تم قبل عامين تقريبا، حيث تم تسريب مخطوطة تاريخية للتوراة إلى إسرائيل. وقد طور اليهود اليمنيون تقاليد خاصة وغنية في جميع جوانب الثقافة المادية: الموسيقى، والرقص، والهندسة المعمارية، والملابس، والتطريز، والحرف الذهبية والفضية، وما إلى ذلك، باعتبار ذلك جزءا من ارتباطهم بمجتمعهم الأصلي.
يظل كثير من يهود اليمن حول العالم يحملون عاداتهم وتقاليدهم اليمنية التي يحاولون الحفاظ عليها وحمايتها من الاندثار، على الرغم من تواجدهم في مجتمعات أخرى مختلفة تماماَ في ثقافتها عن الثقافة التي نشأوا وتربوا عليها، وما زال كثير من هؤلاء اليهود حول العالم يفاخرون بثقافتهم وانتمائهم إلى اليمن، على الرغم مما عانوه من التهجير والإقصاء الذي مورس بحقهم على مدى عقود من الزمن، لاسيما في القرن الأخير.
وقد أسهم اليهود بشكل رئيسي في إثراء المجتمع اليمني ثقافياً وفنياً، ومازالت لمساتهم الفنية في مجال العمارة ماثلة حتى الآن في صنعاء وفي جميع محافظات الجمهورية، وقد تأثر الناس بفنهم الغنائي الذي ينتمي إلى التراث اليمني، ومازال كثير من اليهود يحتفظون بهذا الفن حتى وهم في منافيهم البعيدة في بلدان متفرقة حول العالم، ولاسيما في إسرائيل.
وقد اشتهر اليهود بالأعمال اليدوية، كصياغة الفضة، والجنابي (الخناجر التي يتزين بها اليمني)، والأعمال اليدوية الأخرى من تطريز وخياطة ونجارة وحدادة، وكذا في الصناعة والتجارة، كما تميزوا بالالتزام بدقة مواعيدهم، وحرفية أعمالهم، وحسن تعاملهم مع بقية أفراد المجتمع.
الانتهاكات المرتكبة ضدهم:
تجدر الإشارة هنا إلى أننا سنقسم الانتهاكات التي تعرضت لها هذه الطائفة إلى ثلاث مراحل:
أولها: خلال القرن الخامس عشر للميلاد، وتحديداً خلال حكم الإمام المهدي أحمد بن الحسن بن القاسم مرسوماً قضى بنفي جميع اليهود الذين يعيشون في جميع مدن وبلدات البلاد تقريبًا، وإرسالهم إلى منطقة جافة جرداء، ولم ينجُ من هذا المصير سوى عدد قليل من المجتمعات اليهودية، الذين كانوا يقطنون في المناطق الشرقية من البلاد (مثل نهم والجوف وخولان) حيث رفضت القبائل في تلك المناطق الانصياع لأوامر الإمام. وقد لقي عدد من يهود اليمن حتفهم على طول الطريق الشاق إلى منفاهم في موزع. وبعد حوالي سنة واحدة في المنفى، تم استدعاء اليهود من منفاهم لأداء مهامهم المعتادة، حيث شكا المسلمون إلى الإمام من انعدام السلع والخدمات التي كان يقدمها ويقوم بها اليهود بسبب قرار نفيهم هذا.
وفي بداية القرن التاسع عشر للميلاد، كانت حالة يهود اليمن بائسة جداً، حيث خضعوا لسلطة الإمام المحلي في حينها، وكانوا يُمنعون من ارتداء الملابس الجديدة أو الجيدة، وتم منعهم من ركوب الحمير والبغال، وإلزامهم بالسير ناحية اليسار، وعدم بناء بيوت أكثر من طابق، أو ارتداء السلاح، أو الجنابي. كما مُنعوا من العمل في مجال المعاملات النقدية، وكانوا جميعاً من الحرفيين الذين تم توظيفهم أساساً في أعمال النجارة والبناء والحدادة. وقد كان ليهود اليمن خبرة في مجموعة واسعة من المهن التي كان يتجنبها القبائل في المناطق المختلفة (وخاصة المناطق الزيدية). وكانت المهن التي استحوذ عليها اليهود حصرياً تشمل أعمال الحرف الفضية والحدادة وإصلاح الأسلحة والأدوات والنسيج والفخار والبناء والنجارة وصناعة الأحذية والخياطة. وفي المقابل، تولى المسلمون عملية إنتاج الغذاء وتزويد الأهالي به، بينما قام اليهود بتوفير جميع المنتجات والخدمات المصنعة التي يحتاجها المزارعون اليمنيون.
ومن بين هذه الانتهاكات ما سمي بـ”قانون الأيتام”، الذي فرض في عهد الإمام يحيى حميد الدين في مطلع العام 1920، ويقضي بأن يتم تبني الأطفال الأيتام من اليهود، وتنشئتهم تنشئة إسلامية، وكانت الفكرة قد نشأت قبل ذلك في عهود سابقة، لكنها أصبحت فكرة عملية في مطلع القرن العشرين، كما أن الإمام يحيى قد سن قانونا آخر سيء السمعة، يتعلق بإلزام اليهود بتنظيف الشوارع والمراحيض.
ثانيها: وقعت أحداث شغب دموية في عدن أسفرت عن مقتل 82 يهوديًا وتدمير عدد كبير من منازلهم. وقد أصيب المجتمع اليهودي في عدن بالشلل الاقتصادي جراء ما حدث، حيث تم تدمير معظم المتاجر والشركات الخاصة بهم. وقد أدى هذا الوضع إلى هجرة معظم الجالية اليهودية اليمنية بين يونيو 1949 وسبتمبر 1950. وخلال هذه الفترة، هاجر أكثر من 50000 يهودي إلى إسرائيل.
ثالثها: بدأت مع حروب الدولة اليمنية مع الحركة الحوثية في منتصف عام 2004م حتى يومنا هذا، إذ تحمل الحركة الحوثية العداء الصريح لليهود كما يتجلى من شعارهم المعروف (الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود)، الذي يرددونه في كل فعالياتهم ومناسباتهم. وفي بداية مشوار تهجير الحوثيين للطائفة اليهودية تم طرد 70 فرداً من قبائل آل سالم في صعدة، وهم آخر من تبقى من أفراد الديانة اليهودية بالمنطقة، وتم نقلهم إلى صنعاء. وقد مارس الحوثيون التخويف والتهديد في حق أفراد الطائفة، كما أن هناك اتهامات بقيام بعض المنتمين للجماعة الحوثية بأخذ باختطاف النساء من أزواجهن وتزويجهن إلى بعض التابعين لهم، في عنف وانتهاك يخالف الأعراف والقوانين والشرائع.
ومع تمدد الحوثين عام 2011م إلى عمران ومقتل المعلم (ماشا يعيش النهاري) هرب يهود عمران من المنطقة ولم يبق سوى أربع أسر، منها ثلاث عائلات في منطقة خارف في محافظة عمران، وأسرة واحدة في أرحب وعدد أفرادها 11 شخصا لا غير.
وفي العام 2013م أقدم أشخاص على قتل يهودي في صنعاء يدعي هارون يوسف الزنداني، ومع سيطرة الحوثيين على صنعاء خشي اليهود من تصفيتهم، فسافر ما يقارب من 30 شخصاً إلى إسرائيل، كما تم اعتقال أحد أفراد الطائفة اليهودية بتهمة تهريب مخطوطة أثرية، وتعتبر هذه التهمة كيدية وادعاءات باطلة ليس لها أي أساس من الصحة، وبحسب تأكيدات مصدر موثوق لمركز إنصاف، فقد تم الإفراج عن بقية المتهمين بنفس القضية التي اتهم بها هذا الفرد، ولم يتم الإفراج عنه حتى الآن بسبب انتمائه الديني.
الهجرات التي تمت ليهود اليمن إلى الأراضي الفلسطينية منذ عام 1881م- 2016م
على الرغم من كل ما قيل عن ارتباط يهود اليمن ببلادهم، فإن الحقيقة التاريخية تثبت وجود انتهاكات جسيمة ضدهم، فضلا عن وجود ظروف اقتصادية وسياسية صعبة ساعدت على تشجيعهم على الهجرة إلى إسرائيل، كما أن هناك سببا دينيا أساسيا، فبحسب اعتقادهم، فهم موعودون بالرجوع على متن نسور مجنحة إلى أرض الميعاد، فقد كانت رحلة البساط الطائر “Magic Carpet” هي إحدى أهم المراحل التي هاجر اليهود على إثرها، فقد تقاطروا من مناطق مختلفة من اليمن إلى عدن، على الرغم من صعوبة الظروف القاهرة حينها، وبعضهم وصل إلى عدن مشيا على الأقدم. وقد انتهت عملية البساط السحري في 24 سبتمبر من العام 1950، التي تضمنت تسيير 450 رحلة جوية حملت على متنها ما مقداره 50000 يهودي يمني إلى إسرائيل فقط، بين عامي 1949 و1950.
وبين البساط السحري، وعام الثورة في شمال اليمن، في 62، وعلى الرغم من كل المغريات التي قدمت لليهود، فإنه لم يهاجر سوى 400 شخص فقط طوال هذه. وبعد رحلة الهجرة الكبيرة هذه لم يتبق كثير من المجتمع اليهودي في اليمن. ولم يتبق منهم سوى حوالي 2000 يهودي توزعوا على مناطق مختلفة بين المجتمع المسلم، وقد تفرق شمل بعض الأسر، ففي حين فضل البعض أن يتحول إلى الإسلام لكي يتماشى مع الواقع الجديد، غادر البعض للحاق بأسرهم في إسرائيل، وهو الأمر الذي فرق بين بعض العائلات التي تشتت دينيا ومكانيا أيضا.
إن (43) فردا من هذه الطائفة هم الباقون الآن في اليمن، ومازلوا متمسكين بوطنهم ولا يريدون مغادرته، في حين أن كل الظروف تحاصرهم وتدعوهم إلى الهجرة، وهو ما يتطلب من المجتمع حمايتهم، فضلا عن كل من يستطيع أن يحمي هذه الطائفة التي تشكل رافدا مهما من الروافد الثقافية والفكرية للمجتمع.