في فاجعة لا تعكس الواقع المخيف الذي يعيشه المهمشون فقط، ولكنها أيضا تقدم مشهدا حيا لفداحة ما يتعرض له المهمشون في اليمن على مدى قرون. فقد أزهقت روح الفتاة هدى عبدالله البحراني 30 عاما بعد تعرضها لأكثر من 22 طعنة بخنجر عسكري في أنحاء متفرقة من جسدها، في تاريخ ٢٠١٩/٨/١٩ لا لذنب اقترفته إلا أنها تنتمي إلى هذه الفئة المظلومة.
وبحسب ما توصل إليه مركز إنصاف من معلومات حول الجريمة، فقد أقدم المدعو نور الدين غالب علي فارع السلمي بقتل هدى التي هي زوجة أبيه، وهي أم مرضع لبنت لا تتجاوز أربعين يوما. وقال المصدر لمركز إنصاف بأن المواطن غالب علي فارع السلمي، أحد أبناء منطقة الجبجب، مديرية الحزم إب، قد تقدم لخطبة الفتاة هدى، بيد أن والدها رفض الموافقة لأنه يعلم بصعوبة ارتباط فتاة من المهمشين برجل من غير فئتهم، ذلك أن المجتمع لن يتقبل ولن يقبل أن يتم التزاوج بين الفئتين لما يعتبره من انتهاك لقوانين وأعراف المجتمع الذي كرس العنصرية والاستعلاء والازدراء لهذه الطائفة.
ومع اصرار هذا الرجل على الارتباط بهدى، وافق والدها لاعتقاده أن هذه المبادرة قد تعمل على كسر الاعتقادات النمطية البالية، بيد أن لا أهل الزوج ولا أقربائه راضون عن هذه الزيجة، فناصبوا البنت العداء والازدراء والتهديد والوعيد الذي انتهى بمقتلها على يد ابنه الموتور من هذا الارتباط الذي يعتبرونه إخلالا بشرف العائلة.
إننا في مركز إنصاف إذ ندين بأشد العبارات هذه الجريمة الغادرة في حق نفس إنسانية بريئة فإننا نكرر على أهمية تعزيز الوعي المجتمعي بضرورة إشاعة لغة المساواة بين أبناء المجتمع فلا فضل لأحد على أحد لا بلونه ولا بقبيلته ولا بعرقة ولا بنسبه، وإن الجميع سواء تحت طائلة القانون الذي نطالب بأن يوقع أشد العقوبات على القاتل، الذي لم يتعد على نفس إنسانية بريئة فقط، ولكنه يمارس الكراهية والعنصرية والاحتقار لبقية البشر.