على هامش اجتماعات مجلس حقوق الإنسان المنعقد في جنيف في دورته الثالثة والأربعين، نظم مركز إنصاف للدفاع عن الحريات والأقليات ندوة بعنوان الصراع في اليمن وأثره على الأقليات، حيث شارك في هذه الفعالية أربعة متحدثين من الباحثين والنشطاء والمهتمين بحقوق الإنسان وحقوق الأقليات بشكل عام. وقد انتظمت هذه الندوة في القاعة الرئيسية للمؤتمرات في نادي الصحافة السويسري وبحضور عدد من المهتمين والإعلاميين والناشطين في المجال الحقوقي.
وقد افتتحت الفعالية بكلمة الناشطة إيمان عبدالله رئيسة مركز إنصاف للدفاع عن الحريات والأقليات، تناولت فيها وضع الأقليات في اليمن وماتعانيه من أروضاع مأساوية على مستويات مختلفة، منها ما يعود إلى الوضع الإنساني المتردي بشكل عام ومنها ما يتعلق بوضعهم داخل المجتمع أو ما تلاقيه هذه الأقليات من انتهاكات مباشرة لا سيما من قبل الحوثيين الذين لم يقوموا باحترام أية مواثيق أو معاهدات أو أعراف إنسانية أو قانونية.
ولفتت بشكل واضح إلى المأساة التي يتعرض لها أبناء الطائفتين اليهودية والبهائية فأبناء الطائفة البهائية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون تتفاقم أوضاعهم كل يوم وليس كل عام، وبشكل خطير للغاية يُنذر بإبادة جماعية لهذه الطائفة من اليمن في ظل تبني الحوثيون النهج الإيراني المعادي للبهائية والمعروف لدى الأمم المتحدة منذ ثمانينات القرن الماضي. وكذلك حال الطائفة اليهودية اليمنية التي تكبدت كل أنواع الاضطهاد والتنكيل والازدراء وطمس معالمها التاريخية وحرمانها من المشاركة السياسية والمدنية، وتهجيرها قسرا بشتى الطرق من قراها ومنازلها ومصادر عيشها في ظل تطرف ديني عنصري غذّته القوى الدينية السياسية لعقود من الزمن، وازداد ضراوة منذ البدايات الأولى لحروب صعدة بين الحوثيين المعادين لليهود جهرا والسلطة اليمنية حتى سيطر الحوثيون على صنعاء لتُجبر الكثير من الأسر اليهودية على الهجرة من اليمن تاركة خلفها تاريخها العريق يمحوه الحوثيون تحت شعار (اللعنة على اليهود).
وفي ورقته تناول الباحث والناشط الحقوقي عرفات الرفيد مأساة وضع الأقليات في اليمن بدءا من التأصيل العلمي لمصطلح الأقليات لافتا إلى أن هناك أقليات في اليمن تأخذ أبعادا أخرى لا ترتبط بالجانب العقائدي ولا العرقي ولا حتى المناطقي ولكنه مرتبط بالجانب المهني حيث يعمل المجتمع على احتقار وازدراء من يعمل في بعض المهن مثل الجزارة والحلاقة.
وتناول الانتهاكات التي يتعرض لها مجتمع الأقليات في اليمن مركزا بشكل خاص على الانتهاكات التي يتعرض لها البهائيين والمهمشين والإسماعيلين، سواء كانت تلك الانتهاكات مرتبكبة من قبل المليشيات الحوثية أو الحكومة الشرعية والتحالف العربي أو حتى من قبل تلك الجماعات الإسلامية المتشددة.
وقدمت القانونية ديان علائي ممثلة المجتمع البهائي العالمي في الأمم المتحدة في جنيف ورقة تناولت فيها بشكل خاص ما يتعرض لها المجتمع البهائي في اليمن من انتهاكات صريحة تستهدف البهائيين في حياتهم وفي حرياتهم وفي ممتلكاتهم، حيث فندت الاتهامات التي تطلقها عليهم السلطات الحوثية، وأوضحت أن تلك الاتهامات مجرد أعذار واهية من أجل تبرير القمع تحت ستار حماية الدين وتحت ستار مواجهة الخطر على المجتمع من إيمان هذه الأقلية. وقد أوضحت أن البهائيين في اليمن جزء أساسي من بناء المجتمع ومن نهضته وأنهم مساهمون بشكل مباشر في هذا المسار منذ عشرات السنين، كما بينت أهمية أن يكون هناك جامع مشترك بين أبناء اليمن على اختلاف ثقافاتهم وأن القبول بالاختلاف جزء من قوة المجتمع.
وفي ورقته تناول الدكتور محمد المحفلي أهمية التوثيق في الدفاع عن الأقليات، مبينا أن هذا الأمر يأتي في إطار المعلومة الصحيحة فالوصول إلى المعلومة الصحيحة أمر مهم وجاد، إذ يساعد على الوصول إلى تنفيذ الفعل الصحيح في المكان الصحيح والزمان المناسب.
وتحدث في هذا الإطار عن كتاب الأقليات في اليمن الذي أصدرته منظمة إنصاف وعن منهجية عمل هذا الكتاب وكيفية الحصول على المعلومة الصحيحة، وعن أهمية هذا العمل التوثيقي بوصفه جزءا من سياسة المركز حيث إن الحصول على المعلومة الصحيحة سيساعد الآخرين سواء كانوا منظمات أو أفراد على القيام بالفعل المناسب الذي يهدف في الأخير إلى حماية الأقليات.
https://insaf-ye.org/wp-content/uploads/2020/03/ندوة-إنصاف-في-جنيف-5.3.2020.mp4