إيمان عبدالله حُميد – رئيسة مركز إنصاف
طل علينا اليوم العالمي لحقوق الإنسان، والإنسان في اليمن يعيش أكثر أيامه ظلامية وانتزاعا لحقوقه، إذ تضيق مساحة الحريات والتسامح وتنبت مكانها العصبية والظلم والقهر ومصادرة الحق في التعبير والحق في الاعتقاد والحق في الحركة والحق في التفكير.
يأتي هذا اليوم وعلى الرغم من زيادة المعرفة بين البشر وزيادة الاهتمام بالإنسان وحقوقه فإن اليمن تتحول من يوم إلى آخر إلى مواطن للتعصب وإلغاء الآخر. وإلى جانب مصادرة حق الآخرين فإن الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان يواجهون مصاعب مضاعفة لاسيما حين تكون هذه الناشطة أنثى، إذ يصبح الوضع أكثر تعقيدا وأشد خطرا.
تتمثل أول خطورة أمام المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان في طبيعة الحملات الممنهجة الموجهة ضدهم بانهم مأجورين وممولين من الخارج وهو ما يجعلهم بمثابة العملاء والجواسيس، وهذا الزعم يضاعف عليهم الخطر من جهة ويجعل الناس أنفسهم يتنازلون عن حقوقهم ويخشون من الحديث عن حقهم مع هؤلاء الناشطين والناشطات لانهم في نظرهم غير مأمونين على الدفاع عن حقوق الناس وهم العملاء للخارج.
ثاني خطر هو أن تكون هذه الناشطة أنثى وهي المهضومة حقوقها في مجتمع ذكوري لا يرى في الأنثى إلا مصدرا للشبهة والشهوة فكيف يمكن أن يقبل منها إسهامها في التوعية بحقوق الإنسان، وقد تم تصنيف النسوية حديثا في مجتمعنا بأنها تعادل التطرف والإرهاب وهكذا يصبح الخطر مضاعفا.
الخطر الآخر والأكبر حين تكون هذه المدافعة أو المدافع متبنيا لحقوق الأقليات لاسيما الدينية، وهذا ما حدث معنا بمركز إنصاف حيث يتم النظر الينا بريبة حينا وباحتقار حينا آخر لأن المجتمع ينظر إلى هذا التصرف بأنه تحول في الدين إذ لا يتم قبول أن تدافع عن حقوق طائفة أخرى أو أفراد ديانة أخرى، حيث ينعدم مفهوم التسامح والدفاع عن حقوق الآخر.
والأمر كذلك بالنسبة للدفاع عن أقلية المهمشين، فأننا نواجه الكثير من التحديات في ظل مجتمع ينظر الى الأقليات نظرة دونية وهنا يصبح التحدي كبيرا من أجل مواجهة هذه التصرفات الغير سويه التي لا يقبلها المجتمع الا انه تأثر بها نتيجة لعدم العمل بتشريعات الدستورية المقره والتي لم تتحول الى قوانيين تنفيذيه بالتعامل معها الا اننا نراهن على قيم ووعي المجتمع من أجل التسامح والقبول بالآخر والتكاتف والتعاون من أجل مصلحة الجميع.
إن الدفاع عن حقوق الإنسان بشكل عام والأقليات بشكل خاص ينبغي أن يتحول إلى نشاط عام لكل أفراد المجتمع، ذلك أن حق الأقليات هو حق الجميع وأن تبني مفاهيم التسامح والقبول بالآخر هي أسس بناء مجتمع قوي متماسك ينهض بالفرد فيه من أجل الجماعة.