يتواجد في اليمن أقليات دينية ومذهبية تبلغ نسبتها 0.5 % من أجمالي عدد السكان إلى جانب المسلمين هناك أقلية من اليهود ولكن مع تعدد الانتهاكات والتهجير الذي تعرضوا له على مدى السنوات تفاوتت نسبتهم داخل المجتمع حتى تقلصت إلى الحد الأدنى لتواجدهم. إضافة إلى وجود الأقلية البهائية والتي يقدر عددها حالياَ بحدود 2000 بهائي ولكنها هي الأخرى تتعرض للمضايقات والانتهاكات المتكررة من قبل المليشيات المسيطرة حالياَ على شمال اليمن حيث كانت تقطن أغلب الأقلية اليهودية.
إضافة إلى هذه الأقليات على أسس دينية، هناك أقلية أخرى، لكنها تمثل الرقم الأكبر في نسبة السكان، وهي الأقلية التي تتعرض للتهميش والعنصرية المنظمة رسميا ومجتمعيا، وهي أقلية “المهمشين” أو كما يطلق عليهم “الأخدام” وهي لفظة سلبية تأخذ بعدا عنصريا تجاه هذه الفئة، وعلى الرغم من الاختلاف في التأصيل التاريخي لتواجد هذه الفئة التي تتميز بلونها الأسمر، فإن الكتابات التاريخية تؤكد على أنهم في اليمن منذ قرون، لكنهم يتعرضون لأقسى درجات التمييز والانتهاكات والحرمان في كل مستويات الحياة. وأحد الثغرات التي تؤثر على حقوق الأقليات كمواطنيين هو التفسيرات المختلفة في الدستور اليمني من قوانيين وأحكام أدت إلى التمييز ضدهم.
يحاول هذا الكتاب المتضمن تقارير موجزة عن حالة الأقليات الكبرى الموجودة في المجتمع اليمني أن يلقي الضوء على وضع تلك الأقليات، بوصف هذا العمل جزءا أساسيا من مهام مركز إنصاف للدفاع عن الحريات والأقليات، فالمعلومة أول الطريق للوصول إلى معالجات دقيقة لإصلاح الأوضاع لا سيما حين يتعلق الأمر بحقوق الأقليات وحرياتها.
يتضمن الكتيب خمسة تقارير عن خمس أقليات أربع منها على أساس ديني وهي اليهودية والمسيحية والبهائية والإسماعيلية، والخامس عن أقلية المهمشين وهي الأقلية التي يتم معاملتها عنصريا في اليمن على أسس عرقية. وقد تم الاعتماد على عدد من المصادر التاريخية سواء كانت كتب أو أبحاث علمية، كما تم الاستعانة بعدد من التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية أو المحلية أو تلك المنظمات المعنية بالدفاع عن الأقليات أو تلك المطالبة بحقوقها، إضافة إلى العديد من المصادر الخاصة التي تم مقابلتها والتي تنتمي لتلك الفئات بوصفها متحدثة باسمها أو على دراية تامة بتفاصيلها.
يمكن القول إن هذا الكتاب هو الأول من نوعه الذي يتناول وضع الأقليات المختلفة في اليمن، حيث كان التركيز على مشاكل بعض الأقليات، بحيث يقدم المعلومات الأساسية عنها بدءا من التمهيد التاريخي ثم شرح عن الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وصولا إلى استعراض الانتهاكات الواقعة على تلك الأقليات لا سيما في الوقت الراهن، وهو ما يساعد على التخطيط سواء لأبحاث أخرى أكثر تعمقا، أو لتصميم برامج عملية إما لزيادة الوعي بحقوق تلك الأقليات وكيفية حمايتها، أو لدعم تلك الأقليات وتلافي الكثير من الانتهاكات الواقعة عليها وحمايتها، وهو الأمر الذي لن يحمي تلك الأقليات فحسب ولكنها بكل تأكيد سيساعد على إنشاء مجتمع منسجم يؤمن بالتعدد والتعاون من أجل التنمية والسلام في المستقبل.
إصدارات مركز إنصاف للدفاع عن الحريات والأقليات الإصدار رقم 1 – 2019
إعداد: محمد المحفلي وإيمان حُميد
ترجمة: إبراهيم نجيب
مراجعة وتدقيق : James Root