في الوقت الذي تزيد فيه الحرب استعارا في اليمن يتضاعف الخناق على البهائيين، وفي أبلغ ما يمكن أن يصل إليه قمع حرياتهم الدينية، وصل الأمر إلى محاولة المحكمة في صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين تثبيت حكم الإعدام ظلما في حق المواطن اليمني البهائي حامد بن حيدرة. حيث أصدرت المحكمة حكما يقضي بإعدامه ومصادرة امواله واغلاق ومصادرة اموال المحافل البهائية، وفي الاستئناف قدمت النيابة في صنعاء مذكرة رد على عريضة استئناف حامد وطالبت شعبة الاستئناف في ١٧ من شهر سبتمبر الماضي بتأييد حكم المحكمة الابتدائية بترحيل كل من يحمل الدين البهائي في اليمن وحظر استقبال أي منهم.
وفي جلسة ١ اكتوبر الماضي وقبل ان يقدم الدفاع تعقيبا على مذكرة النيابة قررت المحكمة حجز اموال حامد والمحفل البهائي وتكليف حارس قضائي عليها في مؤشر خطير يبعث القلق من وجود نوايا مبيته لتأييد الحكم الابتدائي.
إن هذه الاجراءات القضائية الجائرة تؤكد ضيق أفق الحريات تحت سيطرة الجماعة الحوثية في اليمن، التي تسعى لقمع كل المخالفين لها دينيا ومصادرة أموالهم، والتصرف بها وإلغاء أي فرصة أمام التعدد والتنوع.
إن استغلال القضاء لتحقيق مصالح خاصة أمر في غاية الخطورة فهو لا يهدر حق الآخرين فحسب ولكنه يؤسس لانحرافات مستقبلية تهدد الأمن الاجتماعي والسلم المشترك، فقد يكون في محاولة مصادرة أموال البهائيين تحرك مشبوه لمجموعة من لوبيات الفساد التي وجدت لها بيئة خصبة للنمو في ظل حكم الجماعة الحوثية المتشددة، إذ ترى لأموال وممتلكات البهائيين وتسعى للحصول عليها ولو كان على حساب المواطنين اليمنيين الأبرياء.
وتجر هذه المحاكمة إلى الذهن العديد من محاكم التفتيش منذ العصور الوسطى وكذلك ما يقوم به النظام الإيراني لاسيما عندما يتعلق الأمر بقمع البهائيين، إذ يجري هناك محاكمتهم وإعدامهم وطردهم والتنكيل بهم ومصادرة أموالهم.
نطالب في مركز إنصاف من الجماعة الحوثية أن تراجع سياستها ولا تتخذ من القضاء أداة لقمع غير المنتمين لها، وأن تحترم اختيارات الآخرين حين يتعلق الأمر بعقيدتهم، وأن تطلق سراح المعتقلين البهائيين، وأن تدرك أنهم مواطنون يمنيون ولا يجوز بحسب الدستور والقانون أن يتم نفي أي إنسان من أرضه تحت أي ذريعة كانت، وأن ما تقوم به هذه الجماعة يعد جريمة بكل الأعراف والقوانين المحلية والدولية، كما نطالب من المجتمع الدولي ممارسة الضغط على هذه الجماعة من أجل الإفراج الفوري عن كل المعتقلين البهائيين لديها، فمثلما تفرج عن المقاتلين من خصومها فالأولى الإفراج عن الأبرياء المسجونين ظلما في زنازينها.